قبعة زرقاء
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قبعة زرقاء
قبعة زرقاء
أ . محمد أبو حمود
من مجموعته القصصية بعنوان ( قبعة زرقاء )
أ . محمد أبو حمود
من مجموعته القصصية بعنوان ( قبعة زرقاء )
- بابا .. بابا .. شرطيان بالباب يسألان عن بيتنا
أسرعت لفتح الباب .
- أحضرتك الأستاذ صالح ؟
- - نعم ، أهلاً ... تفضلا .
- شكراًً . لا وقت لدينا . لكن لك معنا كتاب رسمي . تفضل أستلمه و وقع هنا .
ودّعاني .. بابتسامتين و أدب جم .
فضضت الرسالة باستغراب و لهفة و ارتباك و سرعة .
(( إلى الأستاذ صالح الصالح
ع/ط
المستشار الثقافي و السياحي المحلي .
بعد التحية ..
سيقوم مستر ( ديفيد جونز ) بزيارة قريتكم بهدف الإطلاع على معالمها السياحية
و ذلك ضمن جولة عامة يقوم فيها بالمنطقة على رأس وفد من لجنة السياحية
الدولية المنبثقة عن الهيئة الاستطلاعية السياسية المشكلة بقرار مجلس
الأمن رقم / 575 / و بناء على اقتراح مدروس من الجهات المعنية ... تقرر
تكليفكم بإلقاء خطاب في الاحتفال المزمع إقامته في صالة الهيئة المحلية و
ذلك في الساعة الرابعة و النصف عصر يوم الاثنين القادم .
يرجى أخذ العلم .
مع تحيات المجلس البانورامي السياحي الأعلى . ))
أعدت
قراءة الرسالة مرات .. قبل أن أخبر الأسرة التي كانت تنتظر ببعض القلق أن
أكشف لها سر زيارة الشرطيين .. خاصة و أنه لم يسبق لباب بيتنا أن تشرف بيد
شرطي تطرقه .
بدون ريب .. داهمتني أحاسيس ملونة . إنها مهمة ترضيني . مهمة وطنية خالصة .
سرقت الرسالة النوم مني كاملاً أول ليلة .. و جزئياً في الليالي التاليات .. و غدا صياح الديك مألوفاً لدي أكثر من أي وقت سابق .
قلت لنفسي : سأكتب خطاباً بليغاً موجزاً .. بعيداً عن الكلمات و الأطناب و
الكلمات الفقاعية التي تستجدي التصفيق . سأصف بلغة علمية معاصرة مكانة
قريتنا السياحية دون مبالغة مذكراً بتاريخ مجيد موثق لابد أن يثير
اهتماماً إيجابياً لدى السامعين و يساعدهم على التأكد من عمق جذور و عراقة
هذا البلد .. و على إيقاظ و تكريس مشاعر احترام حقيقي لهذه القرية ... و
هذا البلد ..
شرعت في رحلة بحث جميل بحثاً عن كتب التراث عما يقدم لي معلومات في هذا
الاتجاه ... و كذلك في دراسات و كتب جديدة بعضها من تأليف باحثين محليين
.. و أخرى مترجمة عن لغات عديدة . تعبت أصابع يمناي من كتابة مقتطفات من
هذا الكتاب أو ذاك .. و من محاولة توليف لما جمعت .... ثم اختصار و تغيير
و إضافة .. و اختصار آخر بحيث أبقيت فقط الكلمات ذات المعنى .. التي يصعب
حذف أي منها ....
يوم الأحد – أي قبل يوم واحد من موعد وصول الوفد – أنجزت كلمة معقولة ...
و اعتقدت أنه لا مناص أمام من يسمعها من التأمل و الإعجاب و اكتشاف ما ورد
فيها من معلومات جلية قيمة .
راجعتها مراراً . قرأتها أمام زوجتي .. أمام بعض الأصدقاء المهتمين .. و
كان الثناء دائماً هو القاسم المشترك . قرأتها لنفسي .. أدمنت قراءتها حتى
عرفتها غيباً . فكرت في أن أقرأها أمام الوفد بدون ورقة مكتوبة . لكنني
ألغيت الفكرة لظني أن توتر الموقف قد يثير بعض الإرباك أو التردد .
جاء يوم الاثنين .. بمهابته و ثقله و توجسه و استطالة ساعات ليله التي ذكرتني ببيت النابغة الذبياني :
تطاول حتى قلت ليس بمنقضٍ
و ليس الذي يرعى النجوم بآيب
جاء يوم الاثنين .. و أنا متدثر بأرق جندي يعرف ساعة الصفر .. و هو منتظر
إياها و إصبعه على الزناد . صالة الهيئة المحلية امتلأت بناس القرية قبل
الموعد بأكثر من ساعة .. و تركت الصفوف الأولى ذات الكراسي المتميزة للوفد
و من معه ...
كان الحرص جلياً على أن يبدأ الاحتفال في الوقت المحدد . لكن وصول الوفد
تأخر – و قيل فيما بعد أن ذلك عائد لوليمة غداء هامة أقيمت على شرف الوفد
.. غفا على أثرها بعض المرافقين .
كنت متجهاً إلى مقعد أشير إلي به .. عندما استوقفني أحد الشرطيين الذين
سبق أن سلماني الكتاب الرسمي الخاص بتكليفي بإلقاء الكلمة .. إنتحى الشرطي
بي جانباً و لفت إنتباهي لون قبعته الأزرق .. كلون القبعات التي يرتديها
جنود الأمم المتحدة .
بعد التحية و السلام قال لي بإبتسامة و أدب جم و هو يناولني ورقة مطوية ..
هاك الكلمة التي ستلقيها اليوم يا أستاذ صالح !! . لم أصدق ما سمعت أول
الأمر ... كرر كلماته بالإبتسامة نفسها ... و الأدب الجم . حاولت الإعتراض
. أفهمني أن الإعتراض غير جائز تحت هذا الظرف .. و قد يفسر تفسيرات ليست
في صالحي .. ولا صالح قريتي .
تناولت الورقة متلكئاً .. متململاً .. قلت و أنا أفتح الورقة المطوية :
سأحاول قراءتها مسبقاً كي تكون القراءة واضحة و كي لا أقع في أخطاء ليست
لطيفة في هذا المقام .
قال الشرطي بالإبتسامة نفسها و الأدب الجم : لا عليك يا أستاذ صالح . لن
نزعجك بقراءتها لاحاجة لذلك . عندما تقف على المنصة أمام ( المايكرفون )
.. سيكون إلى جانبك مترجم .. سيضغط على ( زر ) المسجلة الموجودة على
الطاولة .. و بعدها سيكون كل شيء على ما يرام . المجلس السياحي – قرر رأفة
بأعصابك ألا يتعبك حتى في القراءة . المسجلة ( الستريو ) ستلقي كلمتك !!
و مر وقت سحري .. طلب مني بعده أن أصعد لإلقاء الكلمة .
وقفت أمام ( المايكرفون ) .. بجانب المترجم .. و سارت الأمور حسب ما هو مرسوم تماماً .
بدأت الكلمة .. و لم أكن أسمع الكلمات بوضوح . كأن ثمة طنين .. و شبه غياب لبعض الحواس .
سمعت ما يشبه تصفيقاً حاراً طويلاً .. حسبت أن خطابي إنتهى . غادرت المنصة
.. كنت أنزل الدرجات القليلة عندما اكتشفت خطأي .. و أن الخطاب لم ينته .
تابعت نزولي بشكل آلي . عادت إلي حاسة السمع بشكل مفاجئ . توقفت متسمراً
دهشاً . كنت أسمع صوتي .. صدقوني كان صوتي .
تابعت ابتعادي عن المنصة بشكل آلي ... لا إرادي .. تاركاً صوتي هناك يلعلع بكلمات لا أفهمها !!
رد: قبعة زرقاء
عنجد شي حلووو
شكرا علووووووووش
شكرا علووووووووش
لارا- مصيافي جديد
- عدد المساهمات : 10
التميز : 11194
تقيم العضو : 5
تاريخ التسجيل : 01/08/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى